استقال القيّمون على مرافق الدولة ومؤسساتها من مسؤولياتهم، وضميرهم مرتاح وكأنّهم أدّوا قسطهم للعلى واجتهدوا وفشلوا. فقد خرجت الأزمة عن سيطرتهم وقدرتهم على معالجتها، ولا ذنب لهم. مسحوا ماضي ارتكاباتهم وحاضرها ومستقبلها، ومعها كل العيوب والفضائح والكوارث التي تنهال على رأس المواطنين، وحملوها إلى Trend النازحين السوريين، عبر الحدود الفالتة تلبية لمصالح المحور الممانع الحاكم بأمره. ونقطة على السطر.
وكأنّ الوضع الخطير والمتفجّر في لبنان، كان ينتظر تسهيل تسلل هؤلاء النازحين ليرمي تبعاته عليهم. بمعنى آخر، Trend النازحين نعمة للمنظومة، التي تتجاهل ما هو معروف، وتستغبي الرأي العام الحاضر ليصدّق ويستنفر ويتعامى عن القطبة المخفية الخبيثة التي تشوب تطورات هذا الملف، لا تختلف عن القطب المخفية الأخرى التي توالت مفاعيلها الكارثية على اللبنانيين تباعاً، منذ العبث بأموال اللبنانيين في المصارف واللعب بسعر صرف الليرة وانهيار قطاعي التعليم والاستشفاء، ليصار إلى دولرتها، فيستفيد منها النافذون، وحدهم، وبسلطان الفساد والإفلات من العقاب.
وقطبة النزوح مفضوحة: هناك ثلاثية متماسكة بإدارة رأس المحور، قوامها النظام الأسدي الراغب بتخفيف ضغط الديموغرافيا عليه والتخلّص من أعباء مسؤوليته عن شعبه «الناكر للجميل»، ومعه جمعيات ربحية لها طابع المافيا، تجول في المناطق السورية وتغري الشباب السوري العاطل عن العمل «بالهجرة» إلى لبنان، وتنسّق مع المسيطر على السيادة في الجانب الآخر من الحدود المستباحة، والساعي إلى خدمة النظام الأسدي من جهة، وإلى الاستفادة والإفادة عبر علاقاته الوثيقة مع هذه المافيا العابرة للحدود، التي يرعاها ويتشارك وإياها، سواء في تيسير نشاطها لتهريب البشر أو نقل محاصيل الكبتاغون الغزيرة الانتاج، أو إغراق لبنان واللبنانيين في أزمة مستعصية يمكن استثمارها، إن لشد العصب بالعنصرية وتجهيز حقل ألغام لتفجير الوضع الأمني، أو لجهة إخضاع ما تبقى من الدولة ومؤسساتها إلى ابتزاز النظام الأسدي، أو لجهة شراكة مع هذا النظام لابتزاز المجتمع الدولي من خلال تهديده بتصدير النازحين إليه، تماماً كما يتم تصدير الكبتاغون.
وفوق ذلك يأتي من يعترض على تعامل هذا المجتمع الدولي مع هذا الملف، ويدرجه ضمن المؤامرة الأميركية والأوروبية للنيل من الصمود والتصدي لمحور الممانعة ومن أمن المجتمع المسيحي في آن، من خلال السعي إلى توطين هؤلاء النازحين.
وبمعزل عن أنّ المجتمع الدولي انتقائي في تطبيق العدالة والقواعد الإنسانية عندما يتعلق الأمر بمصالحه وأمنه، وبمعزل عن أنّ هذا المجتمع يعتبر لبنان فشلاً مجسداً في بقايا دولة، ليس إلا، ويمكن أن تلقى فيه كل الأزمات وليدبّر رأسه ما دام لا يوجع رأس الدول الخائفة من لجوء السوريين إليها، يبقى أنّ هناك وسائل فعالة أكثر من إلقاء اللوم على الآخرين.
وأولى هذه الوسائل، لا تكون عبر التهديد بفتح البحر أمام خروج النازحين باتجاه الشواطئ الأوروبية، وإنّما بإحكام المراقبة على الحدود ومعابرها لمنع تدفق ملغوم ومفتعل لغايات المحور وأجنداته، وبضبط وجودهم وعمالتهم وتطبيق القانون. وأيضاً لا يكون باستنسابية تركيب ملفات أمنية وتصويرهم وكأنهم إنما نزحوا لتنفيذ عمليات إرهابية، وتسجيل انتصارات وانجازات وتقديم أوراق اعتماد إلى المحور وأذرعه من خلال مثل هذه الخدمات التي ترفع منسوب العنصرية لديهم وضدهم.
وسائل المعالجة تستدعي ما هو أبعد من هذه العنتريات التي تقود حتماً إلى التصادم العنيف بين اللبنانيين والسوريين. هي تستدعي العمل الحثيث لرفع الاحتلال عن الدولة، لتعود وتستعيد من المحتل بميليشياته وأذرعه ومافياته دورها وسيادتها، حينها تستطيع طرح القضية مع المجتمع الدولي لحلها وليس لتحويلها إلى Trend لتسوّل المساعدات من خلالها.
*المصدر: نداء الوطن